Description
كان في كل يوم يتواعد مع المغيب يحمل قرآنه ويجلس في مكانه المعتاد , يقرأ القرآن بصوت يجمع عذوبة الإيمان في قلبه بنسائم الغروب الرقيقة , ومن ثم يرفع عينيه نحو السماء حاضنا القآن إلى صدره ويدعو الله , كنت أقف من البعيد أراقبه بمحبة ابنته الصغيرة المدلله .. كان لي في كل يوم موعدا مع أبي , يحملني فيها إلى ماضيه الجميل .. يسرد لي أحاديثا .. أوجاعا.. أفراحا.. وآمالا.. ومع ختام كل حكاية يحضن بيديه وجهي الطفولي قائلا : ستكبرين ..إياك ان تتغيري ..فلتكوني دائما ابنتي صاحبة هذا القلب الأبيض النقي واحذري يا حبيبة العمر أن تكبري فيتحولق حولك البشر ..ولا تجدين في دربك إنسانا .. وودّع والدي المكان تاركا مصحفه على الكرسي الخالي , وأمام كل ما يجري حولنا من أحداث أصبحت موقنة أنه بات من الصعب جدا أن نجد بين أكوام البشر العابرين في حياتنا إنسانا حقيقيا , فحملت مصحفك يا والدي وجلست على كرسيك الخالي في مكانك المعتاد , لأدون بقلمي المتواضع جملتك المعهودة.. “كن إنسانا..وكفى”