لا أملك إلا المسافات التي تبعدني

رغم براءة النصيحة وحسن نِيِّتها وغَيْرتها على فكر”نا” وإبداعـ”نا”، فهي تنطوي على مفهوم معيَّن عن الكتابة، ونظرة بعينها إلى الفكر، بل ربَّما تفترض فَهْماً معيَّناً للهوية، وموقفاً بعينه من التراث الفكري.

المُسلَّمة الأولى التي تفترضها هذه النظرة هي أن الاقتباس أمر يتمُّ، دوماً، بوَعْي وسَبْق إصرار. والحال أن الكاتب غالباً ما يقتبس حتَّى إن ظنَّ أنه صاحب الفكرة وأنه السَّبَّاق إليها.

إن الكتابة توليد للفكر واللغة، ومَنْ يقول اللغة يقتحمُ اللَّاوعي، ويدخل غياهب التاريخ. لذا نجد من المفكِّرين مَنْ ذهب إلى القول بأن اللغة هي التي تُفكِّر وتكتب، وأن يد الكاتب هي، دوماً، “يد ثانية”.

هذا الاقتحام لغياهب التاريخ يطرح مسألة التراث الفكري وكيفية تملُّكه وتجاوُزه. وهي، كما نعلم، مسألة معقَّدة، يتوقَّف النظر فيها على فَهْمنا للفكر وللقطائع والانفصالات. وهذا الفَهْم يتدرَّج من مجرَّد الموقف الوضعي الذي يَعتبر القطيعة انفصالاً مطلقاً، يَجُبُّ فيه الحاضرُ ما قبله، إلى الموقف الجينيالوجي الذي ينظر إلى التراث الفكري على أنه ينطوي على ما يحجبه ويغلِّفه، فيَعتبر تجاوُزه تراجعاً لا ينفكُّ إلى الوراء، كما يَعتبر التَّملُّك الفكري انفصالاً دَؤُوْباً، تتعيَّن فيه الهوية بالمسافات التي تبعدها، أكثر ممَّا تتحدَّد بانصهارها وتوحُّدها مع ما تزعم تملُّكه.

70.00ر.ق

معلومات
عن الكتاب

الكاتب

سنة الإصدار

عدد الصفحات

رقم ISBN

عدد الأجزاء

عبد السلام بنعبد العالي

2020

400

9.78883E+12

عدد الاجزاء مجهولة

الوصف

رغم براءة النصيحة وحسن نِيِّتها وغَيْرتها على فكر”نا” وإبداعـ”نا”، فهي تنطوي على مفهوم معيَّن عن الكتابة، ونظرة بعينها إلى الفكر، بل ربَّما تفترض فَهْماً معيَّناً للهوية، وموقفاً بعينه من التراث الفكري.

المُسلَّمة الأولى التي تفترضها هذه النظرة هي أن الاقتباس أمر يتمُّ، دوماً، بوَعْي وسَبْق إصرار. والحال أن الكاتب غالباً ما يقتبس حتَّى إن ظنَّ أنه صاحب الفكرة وأنه السَّبَّاق إليها.

إن الكتابة توليد للفكر واللغة، ومَنْ يقول اللغة يقتحمُ اللَّاوعي، ويدخل غياهب التاريخ. لذا نجد من المفكِّرين مَنْ ذهب إلى القول بأن اللغة هي التي تُفكِّر وتكتب، وأن يد الكاتب هي، دوماً، “يد ثانية”.

هذا الاقتحام لغياهب التاريخ يطرح مسألة التراث الفكري وكيفية تملُّكه وتجاوُزه. وهي، كما نعلم، مسألة معقَّدة، يتوقَّف النظر فيها على فَهْمنا للفكر وللقطائع والانفصالات. وهذا الفَهْم يتدرَّج من مجرَّد الموقف الوضعي الذي يَعتبر القطيعة انفصالاً مطلقاً، يَجُبُّ فيه الحاضرُ ما قبله، إلى الموقف الجينيالوجي الذي ينظر إلى التراث الفكري على أنه ينطوي على ما يحجبه ويغلِّفه، فيَعتبر تجاوُزه تراجعاً لا ينفكُّ إلى الوراء، كما يَعتبر التَّملُّك الفكري انفصالاً دَؤُوْباً، تتعيَّن فيه الهوية بالمسافات التي تبعدها، أكثر ممَّا تتحدَّد بانصهارها وتوحُّدها مع ما تزعم تملُّكه.

المراجعات

لا توجد مراجعات بعد.

كن أول من يقيم “لا أملك إلا المسافات التي تبعدني”

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *